■ عادت ريما لعادتها القديمة، وعاد التليفزيون المصرى للتغطية المنحازة المفتقرة إلى أبسط أبجديات المهنية، لم تكن تغطية إخبارية بل كانت أحكاماً مسبقة، عندما يُكتب على شريط الأخبار «أقباط يطلقون النار على الجيش» دون التأكد من مصدر إطلاق النار، ويطالب المذيع بنزول الجماهير لحماية الجيش، ويصر المراسل على استنطاق مجند فى الرعاية الطبية للتليفزيون وهو شبه مغمى عليه، ومتوقع منه وهو ينزف أن يسب ويلعن وتنفلت أعصابه، وبالفعل يحدث ما توقعه السذج من المشاهدين ولم يتوقعه المذيع الذكى المتدرب المسؤول، وتخرج كلمات سباب على الهواء، لتتلخص القضية فى استقطاب حاد ما بين الجيش والأقباط، ولا تتم زيارة المستشفى القبطى أو تغطية الرعاية الطبية هناك، هنا نستطيع أن نقول وبكل ثقة إن التغطية كانت انحيازاً صريحاً، وتحريضاً مباشراً، وتطهراً من تغطية يناير الخادعة الكاذبة القديمة بتغطية أخرى أكثر خداعاً وأخطر تأجيجاً للمشاعر.

■ كان همّ الأقباط فى الخمسينيات والستينيات هو بناء المدارس النظيفة التى تقدم خدمة تعليمية متميزة للمسيحى والمسلم أيضاً، وبناء مستشفيات على أعلى مستوى طبى وإنسانى للمسيحى والمسلم أيضاً، ماذا حدث حتى يصبح هم البعض منهم الأساسى وشغلهم الشاغل فقط هو بناء الكنائس؟!

من حقهم بالطبع بناء كنائس، ولذلك طالبنا بسرعة إصدار قانون دور العبادة الموحد، ولكن لابد ألا يكون هذا الطلب وسواساً ملحاً وحيداً مسيطراً على الأذهان، فرغم كل دور العبادة التى تملأ جنبات مصر، إسلامية ومسيحية، فإن الضمير الدينى الحقيقى يتوارى عن الأنظار ليحتل المشهد التدين الشكلى المهتم بالطقوس، غياب هذا الضمير هو ما جعلنا فى ذيل الأمم علماً وتقدماً واقتصاداً وأخلاقاً أيضاً.

■ حرب الـ«يوتيوب» ما بين مدرعة تدهس وضابط يجرَّد من ملابسه هى حرب لن يستفيد منها أحد إلا من يريد الجلوس على قبر مصر يلطم ويولول وبعدها يخلع القناع مبتسماً سعيداً.

■ إلى الشيخ نجم قناة الناس، الوكيل الحصرى لشاشات الجنة، الذى اتهم الليبراليين بتأجيج الفتنة، وأضاف إليهم الشيخ مظهر شاهين وسخر منه فى برنامجه مطلقاً عليه منظر شاهين، أرجوك راجع خطب وشرائط دعاتك الذين يظهرون على نفس القناة بل هم نجومها، لتعرف من الذى زرع بذور الفتنة ومن أطلق اتهامات الكفر على شركاء الوطن، من هو الذى أهانهم على الشاشة وفى الكاسيت وعلى صفحات الكتب المذهبة المجلدة الفاخرة التى تباع بقروش زهيدة؟ إذا كنت تعلم فتلك مصيبة وإذا كنت لا تعلم فالمصيبة أعظم.

■ من يرد فهم كابوس ماسبيرو فعليه أن يسأل نفسه: من المستفيد وما الأسباب الحقيقية الجذرية للمشكلة؟ عليه أن يسأل نفسه: ما نتيجة اغتيال القاموس السياسى لصالح القاموس الدينى الذى سادت مصطلحاته الشارع، فصار المعارض السياسى مرتداً، وأصبح الصواب والخطأ حلالاً وحراماً، وصار التصويت فى صندوق الانتخابات طريقاً إلى الجنة؟!